لعل أحد أهم أسباب غنى الحركة القصصية الكويتية المعاصرة هو تعدد وتنوّع أصوات مبدعيها، لدرجة تميّز العديدين منهم.. بصرف النظر عن تقصير مقصود أو غير مقصود لنقد تطبيقي مسؤول (1) ينهض بأعباء مواكبة تطور هذه الحركة، مُلقياً الضوء على ملامحها الأهم بهدف تفعيلها أكثر.
٭٭٭
علي المسعودي قاص من جيل تسعينيات القرن المنصرم، واصل نهجه التجريبي الواعي.. أقل ما يقال عنه أنه - مع غياب أيّما متابعة نقدية جادّة بصدده - وُفِّق نصّاً بعد نصّ، لأن يُحقق أسلوباً سردياً خاصاً به.
٭٭٭
في قصصه المبكّرة من مجموعة «مملكة الشمس»(2) والتي لا تخلو من هنّات محدودة تسم نتاجات الكاتب المبتدئ عادة، يفصح علي المسعودي - ولو تلميحاً- عن مشروع قاص سيصرف جانباً أساسياً من جهده الإبداعي بالاشتغال على اللغة بما تختزنه من إمكانات بلاغية تقرّبها للشعرية، لكي يختطّ لنفسه نهجاً يتصل بما جرى التعارف عليه نقدياً: الكتابة عبر النوعية. ولأن مثل هذا النوع من الكتابة- شأن مزاولة الشعر- يحتاج ما يشبه الالتحام الحميمي بالذات طغت «أنا» علي المسعودي على صوت الراوي في غالبية قصصه الأولى تلك، حيث هيمنت على خمسة نصوص من بين ستة، ضمّتها المجموعة القصصية المذكورة.
٭٭٭
يشي نصّه الحامل اسم المجموعة «مملكة الشمس» عن بوح شعوري يتمحور حول علاقة حب تكاد تكون خارج الزمان والمكان. فالحب- لدى طرفي العلاقة- حالة انعدام وزن. وطرفا العلاقة أشبه بثنائي، ملك وملكة، يتربعان على عرش مملكة لا تغرب عنها شمسها أبداً. القصة- بما قدمته- لا تلغي ماهو يومي أو عادي من مجريات الواقع المعاش، لكنها تقيم علاقة حوار ما بين الخارج: حيث الوتيرة الباعثة على الاغتراب لحياة تصطبغ بالألوان الرمادية.. «الوجوه الباهتة..الأرصفة.. الأشجار العارية..» والداخل: حيث التحقق بالانتماء إلى الآخر، وسط حالة انتشاء روحي، هي الأولى التي «تشهدها ردهات الفجر».
٭٭٭
فإذا أخذنا قصة «أكوام القمامة» من المجموعة ذاتها وجدناها بقوس درامي أوسع، يشمل مزيداً من الشخوص والأحداث والأمكنة، مما يحيلها إلى دراما الحدث، مقارنة مع سابقتها، ويفصل فيها - بالشكل الفني- راوي الحدث عن مؤلف القصة. الزمان: منتصف ليل شتائي قارس، من منتصف شهر كانون ثاني، من العام 1991م. المكان: بيت.. في حي من أحياء الكويت. الحدث: حالة احتلال. والحدث حرب جوّية ناشبة لم يشهد لها تاريخ الحروب مثيلاً. والحدث نار مضادة تمطر من أسفل باتجاه فضاء مترام. والحدث احتفاء الكويتيين ببدء نهاية الاحتلال، وجزعهم أمام خطر محدق. فالموت- كما هي حال النصر- قاب قوسين. الراوي: همومه، انشغالاته، توزعه.. فوق موت مجاني، ومسؤولية رعاية ابنة أخيه «الطفلة الرضيع» التي لا تكف عن البكاء جوعاً أو مرضاً، في وقت افتقدت فيه الأم والأب بعدما توارى.. أسيراً أو مطارداً. مع اليوم التالي نجد راوينا واقفاً في طابور بانتظار حصوله على خبز، حتى إذا ما حصل على قليل منه صادفه عسكري غاز جائع بالمثل.. الطلب صيغة رجاء أو أمر، والنتيجة انتقال الخبز- كلّه- لليد الأخرى. في مشهد أخير يأخذنا الراوي إلى أحد الأسواق الطيّارة بحثاً عن حليب للطفلة. عثوره على الحليب لا يعني حصوله عليه بعدما تضاعف السعر عشرات، لولا تدخّل أحدهم.. ظرف استثنائي يقتضي تكافلاً إنسانياً. نص «أكوام القمامة» - هو الآخر- جهد استثنائي باتساع قوسه الدرامي، إذا أُخذ بمعية نصوص خمسة أخرى ضمّتها مجموعة «مملكة الشمس» بقيت- إلى حدّ ملحوظ- أسيرة ذات مبدعها.
٭٭٭
«ر.. جوع»(3) هو الاسم الذي ارتآه علي المسعودي لمجموعته القصصية الثانية، مأخوذاً عن عنوان إحدى قصصها. هذا الاسم - بالصيغة التي أُخرج بها- يحيلنا إلى ما يشبه التلقي الإشكالي جرّاء كونه يتضمن قراءتين، تبدوان وكأن الواحدة منهما لا تمت للثانية. فإذا قرأنا الكلمة المشكّلة من أربعة حروف متجاوزين نقطتي الاستطراد اللتين تفصلان حرفها الأول عما عداه، نفهمها بصفتها «عودة» وإذا قرأنا ما أعقب النقطتين الفاصلتين بصفته كلمة قائمة بذاتها، فهمناه على أنّه حرمان من شيء ما، مادي: طعام مثلاً، أو معنوي: حريّة/ وطن، مثلاً. في القصة الحاملة للعنوان إيّاه معاناة ذات اتجاهين: أولهما يخصّ الراوي، وهو شاهد مشارك في صنع الأحداث، وهو في الوقت نفسه أخٌ لسجين، بإمكاننا فهمه على أنه أسير أو مُبعد. آخرهما يخصّ عائلة ثلاثية، تتألف من الأخ (السجين) وزوجته الشابة وطفلهما ذي الأعوام الثلاثة. يفصح العنوان إشكاليته ببعد بلاغي شفيف في المشهد الأخير للقصة، حيث لقاء مواجهة بين السجين وعائلته عندما يتطوع الراوي (الأخ) بالذهاب لإحضار طعام للجميع استعداداً لقضاء ساعات قادمة، ورغم تعجله للعودة يفاجأ حدّ الانشداه - وهذا ما يختم به المسعودي نصّه - (رجعت بالغداء.. ورحلوا جوعى)(4) . العنوان بإضاءته، وهذا التقابل أو التضاد المتحقق في الجملة الختامية ما بين الرجوع والرحيل من جهة، والغداء والجوع من جهة أخرى(5) .
٭٭٭
إذا تجاوزنا العنوان بما ارتبط به، فإن قراءة تأملية لمجموعة القصص هذه تحيلنا إلى استنتاجات مفادها أننا إزاء نقلة نوعية واضحة في الأسلوب السردي لعلي المسعودي، تتأكد من خلال محاور ثلاثة: الأول: نضج كاف لخبرة الكاتب باستخدامه أدواته الفنيّة، بما فيها رسمه لشخوصه، ومن توظيفه عاملي الزمان والمكان، وكذا إدارة الحوار، وتطور الحبكة، مما جنّبه هنّات الكاتب الناشئ التي سبقت أن صادفتنا في نصوص «مملكة الشمس». الثاني: توجه ملموس لرصد جوانب من الحياة اليومية تصويراً أو انتقاداً فنيّاً، مادياً حذو ما تفصح عنه المقولة الملتزمة: (الأدب وظيفة اجتماعية)، متخففاً من (أنا الكاتب/ الراوي) خارج إطار ما هو ذاتي محض. الأخير: استخدامه لفن التوليف، بهدف تأسيس نص قصصي يتكون من أجزاء منفصلة عن بعضها، تبدو مستقلة، لها شخوصها وأحداثها بالدراما الخاصة بها، ينتظمها صوت الراوي، محققاً ما يشبه ومضة لا مركزية للأجزاء المنفصلة، عبر رؤيا أو فكرة أو مسمى ذي طبيعة شمولية تتصل بوحدة المضمون الذي تشف عنه هذه الأجزاء.
٭٭٭
لو أخذنا- تدليلاً على ما ذهبنا إليه- نصه المعنون (الآلة)(6).. الراوي يعمل موزعاً لإحدى الصحف اليومية. طبيعة عمله تقتضيه أن يذرع شوارع الكويت ومناطقها المختلفة ليلاً بسيارته القديمة المتهالكة، ريثما الساعات الصباحية الأولى لكل نهار، لكي يودع نسخ الصحيفة في صناديق معدّة مثبّتة على أبواب منازل المشتركين. اقترابه من أبواب المنازل يوفّر له أحياناً سماع أصوات أو همسات. حشرجات قادمة من داخل البيوت، وتجواله الليلي الروتيني الذي يبدو وكأنه لا نهاية له يوفّر له مناسبة رصد حالات لفتت انتباهه. حالة مثال: فرن لإعداد الخبز (مخبز).. العمال- كما رصدهم الراوي- سعداء بعملهم، منسجمون فيما بينهم، رغم حرارة المكان، واصطباغ وجوههم السمراء بالدقيق الأبيض، وها هو أحدهم «سالم» يعدّ ابنه يدرّبه على الصنعة. الألفة أو الاعتياد.. ليفاجأ الراوي وكذا عمال المخبز بوصول شاحنات كبيرة محمّلة بآلات حديثة لصناعة الخبز ميكانيكيا. مالك المخبز سبق له أن اتخذ قراره. العمال يقفون خارج الباب مذهولين أو مهزومين، بعدما أيقنوا أن لا فرصة أمامهم لدخول المكان، مادامت فرصة العمل قد انعدمت هناك. مثال ثان: «أبو ربيع» عامل في محطة لتزويد السيارات بالوقود اعتاد الراوي أن يلتقيه بابتسامة ودودة بين ليلة وأخرى وهو يزوّد سيارته.. لأن الشركة المالكة للمحطة اتخذت قرارها بالتحديث.. عمدت إلى تغيير الآلات. صارت المحطة تزويداً ذاتياً.. اختفى «أبو ربيع».. عطالة أو تشرداً. مثال ثالث.. يختاره الراوي من بين العاملين في الصحيفة، «أبو سليم»، موظف التنفيذ، بانكبابه على عمله وحرصه على ألا يخطئ يحلّ يوم يصبح فيه الكمبيوتر بديلاً لأبي سليم. الأخير يسلّم بالأمر الواقع. يغادر إلى الطريق، مردداً كمن يداري خسارته بشماتته: - «دعهم يخصمون من راتب الكمبيوتر إذا أخطأ»! وسط مشاركة الراوي لهموم الآخرين يبقى السؤال «الهم» الذي يشغل عليه تفكيره: - متى يحين موعد «استحداث طريقة جديدة لتوزيع الصحف عبر الكابلات؟!» كذلك يبقى عنوان النص «الآلة» قاسماً مشتركاً لربط المضمون المبثوث في أجزائه المتفرقة، بعدما عمد الكاتب إلى ربطها «شكلاً» من خلال طبيعة عمل شخصيته المحورية التي نهضت بأعباء القص.
٭٭٭
في مجموعته القصصية «تقاطيع»(7) يحقق علي المسعودي نقلة نوعيّة فاقت سابقتها، في أسلوبه السردي على وجه الخصوص، بإمكاننا تحديد ملامحها الأساسية حسب حضورها عبر نصوصه المعنيّة..
٭ اقتصاد هادف باستخدام المفردة (الكلمة)، من أجل بناء جمل مكثّفة، حدّ التقطير- إن جاز التعبير- لتبدو كلّ جملة وكأنها كيان قائم بذاته، دون أن يخل التكثيف إيّاه بوجود الجمل إيّاها في السياق العام للنص.
٭ تعدد الدلالات التي يبوح بها النص مع القراءة الأولى، وإمكانية تنوّعها أكثر مع القراءة الثانية، ومن ثم الثالثة.. مما يحيلنا إلى كيفٍ معرفي ذي عمق تأويلي غير منغلق على نفسه، يمنح المتلقي فرصة المشاركة بالكتابة مرّة وأخرى لدى معاودة القراءة.
٭ الملمحان السابقان- التكثيف/ التقطير إضافة إلى تعدد الدلالات- يجسدان ما يمكن أن ندعوه بلاغة الخطاب، بناءً على ما ذخر به من شعرية، حيث (هناك وعي باللغة في أساس الفعل الأدبي.. وحيث تكون اللغة- في آن واحد- الجوهر والوسيلة (8).
٭ عناية ملحوظة بالبحث في العوالم الداخلية للشخصية من غير ما إغفال لما هو خارجي، مع تأكيد مضامين تهدف في جانبها الأهم لطرح تساؤلات إنسانية، تبدو في ظاهرها ذاتية، لكنها في حقيقتها وجودية، تعبّر- في العديد من النصوص- عمّا هو بشري عام مشترك.
٭٭٭
(.. نصف الحيوان ونصف الإنسان.. نصف الذكر ونصف الأنثى.. القويّ الجبان، الشاب في سن الشيخوخة، الذي إن كشفت اسمه أباح دمي... عنه) (9) بهذا الهامش الذي يُضمر أكثر مما يُفصح- والذي يبدو غريباً أو دخيلاً على أنماط السرد القصصي المعتادة- يأخذ علي المسعودي بفضولنا كمتلقين لارتياد نصّه المعنون «سيد المحو» بعدما فصل هامشه المذكور عن متن النص، واضعاً إيّاه داخل مستطيل محدد بخطوط سوداء، وكأنه يدعونا لتجاوز ما ورد في الهامش قبل شروعنا بقراءة المتن. (الفصل هادئ. ولكنّه مستريب).. وفصل دراسي من مدرسة لابدّ أن تكون ابتدائية، مادام الطلبة- كما ينبئنا النص- أطفالاً. والفصل- بمعناه المناخي- شتاء قارس. الصبية الصغار (يفركون أكفهم الطريّة ببعضها طلباً لبعض الدفء) المدرّس يرقب تلاميذه بنظرات ثاقبة، وكلما سقطت عيناه على أحدهم (ارتعب وتهشّمت جدران جسده.. قال لهم (درس اليوم محفوف بالرهبة). موضوع الدرس (كائن مشبع بالأهوال.. له قرن خرتيت.. يرتدي العواصف.. يهوى الاستحمام في مستنقعات بترولية.. ينام ملء جفونه وسط القردة.. يروون أن سلحفاة ولدته مع بداية القرن العشرين في أحد المآتم، فأخذ يصرخ ويهدد)، ولأن نساء المآتم منشغلات بنحيبهن الأسود بدأ ذلك الكائن الخرافي يتقافز بينهن كالكنغر (وشرع ينكحهن الواحدة تلو الأخرى).. بهدف تقريب المعلومة من أذهان التلاميذ الصغار بسط المدرس وسيلة إيضاحية.. ورقة كبيرة طبعت عليها صورة الكائن، لتنبعث- وسط ذهول الجميع وفزعهم- حياة ما في الصورة، متمخّضة عن خروج الكائن- بهيأته المجسّدة- منها. الراوي شخصية ملتبسة مندغمة في كيان النص.. من خلاله نفهم أن المكان أُصيب بما يشبه الزلزال.. (تصدّع الفصل إثر سريان الرجفة.. بدأت أحجاره تتساقط.. اهتزت المدرسة وتداعت على من فيها). (نجوت مع من نجا. وهربت. لذت بالأشجار، فلاحقني حتى الصحراء. كأنه اطمأن أن البرد والريح والديدان والضباع ستهلكني لا محالة). مرّ على الحدث زمن غير محدد يتقي بعده راوي النص بالكائن الخرافي بغية مصاحبته أو كفاية شرّه المرتقب، لكن الأخير يزمع الفتك به، فيهرب والحرّاس يلاحقونه بنيران بنادقهم. حتّى إذا ما حله ليل ما.. تمّردت بطانة الكائن عليه. فتكتْ به أو كادت. ليفلت من براثن الموت (ولم تحتضنه سوى الصحراء. ابتلعها، حتى جرّدني). يقول الراوي. يضيف (قبض على يدي بمخالبه وهو يصرخ بصوت محشرج: ماذا تفعل؟!» قلت: «سأكتبك!» قال: «لن تفعل!»، قلت: «سأكتبك!»، قال: «لن تفعل!»، كتبته، فمحاني). ما مرّ ذكره ليس جهداً في تلخيص النص، إذ إنّه - كما هو واضح- عصيّ على ذلك، لكنه اجتهاد إحاطة.. دراما الحدث وقد اكتسبت مشروعية واقعيتها (فصل المدرسة. المدّرس. التلاميذ) سرعان ما يصادفها بُعدها الخرافي التحضيري ممثلاً بالقص الإخباري الذي ينهض مدرس الفصل بأعبائه كراو آخر داخل النص.. سرعان ما يصادفها نوع فانتازي، هو- في جانبه التصويري- كابوسي-.. سرعان ما يتداعى مسرح الحدث (البناء المادي) على من فيه، متلاشياً من كانوا متواجدين في أرجائه لينبثق- على أنقاض كلّ ذلك- الراوي الملتبس متقمّصاً دوراً موازياً لحضور الكائن الخرافي، متقاطعاً معه في الوقت نفسه، بما يسبغ عليه صفة خرافية بالمثل. علماً بأن الطريدة- الراوي الملتبس- بعد نجاحها بالهرب من مطاردها لائذة بالصحراء تعود أدراجها باحثة عنه لغاية بدت من حيث الظاهر ولائية. اللعبة.. لاعبوها العديدون بدءاً، ولا يبقى- ما قبل اختتام النص- سوى صراع الاثنين (الراوي الملتبس والكائن الخرافي) على مسرح الوجود. صراعهما التراجيدي ذاك تمظهر من خلال فعل بشري مادي هو الكتابة، كما يتبادر للذهن في الوهلة الأولى، لكنه يقع على من يؤديها، ونعني به راوينا إيّاه. وهذا- بدوره- يحيلنا إلى سؤال مفاده: هل نحن إزاء نمط ما من أنماط تماهي الراوي «الكاتب الافتراضي» عبر نصه؟! أضف.. أن النهاية بصيغتها الغرائبية تُثير فينا- بصفتنا متلقين- فضولاً مشروعاً يتخذ سمة الإغواء يحفّزنا لإعادة قراءة النص، بمحاولة لفك اشتباكه الفني المترتب عن غموضه الشفيف، واضعين نصب قراءتنا دلالاته المتحصّلة، ودلالات أخرى مُحتملة. من بين الدلالات المحتملة- وهذا اجتهاد شخصي- أن الجلاّد- بصرف النظر عن الزمان والمكان والكيفيّة- قادر، ضمن ظرف سطوته على محو ضحيته: «الكاتب».. في حين أن الكتابة....
٭٭٭
عن الكتابة المعنيّة يقول علي المسعودي: (.. رأيت فيما يرى الحالم كأن الكتابة فعل استشهاد، كأنّها فاتحة الانهيار، إذ الحضور حضور قاتل والغياب غياب قاتل.. عندها ادّعيت فضيلة الجهل الكبرى، وأخذتني العزّة بالعلم.. سألت نفسي في تلك اللحظة: هل الكتابة فضاء له باب، والباب كلمة لها مفتاح.. والمفاتيح ما رأيت؟!.. وقد داهمني الوعي لحظة التفكير وأشار: «ادخل الفضاء فإن لك ما سألت..)(10).
هوامش:
(1) ولا تغيب عن بالنا الجهود النقدية الجادّة للدكتور سليمان الشطي والدكتورة نجمة إدريس. (2) مجموعة قصص، صدرت طبعتها الأولى عام 1992 م، عن دار سعاد الصباح - الكويت.
(3) صدرت طبعتها الأولى عام 1994م عن دار الجديد - بيروت.
(4) ر..جوع - ص: 36 .
(5) هذا التقابل/ التضاد يؤكد اشتغال المسعودي على اللغة بمحاولة للارتقاء بأسلوبه إلى الشعرية.
(6) من مجموعته القصصية (ر..جوع).
(7) صدرت طبعتها الأولى عام 1998م عن دار الحدث - الكويت.
(8) تودوروف - الشعرية - دراسة - الطبعة الثانية 1990م - ص:10،23 - ترجمة شكري المبخوت ورجاء بن سلامة - دار توبقال - المغرب.
(9) تقاطيع - ص: 17 .
(10) علي المسعودي - عُري - نصوص - طـ أولى 2000 - ص: 10،11 - المجموعة الإعلامية - الكويت.