هذه ليست قصة حزن، ولا قصة استعطاف، ولا يريد صاحبها أن يقنع الآخرين بقضيته، ولا يهمه أن يقتنع أحد ما- مهما كان، علا أو انخفض- أن يقول له صدقت أو كذبت. هو فقط يريد أن يقول ما حدث له باختصار.
في عام 1975 كان يدرس الابتدائية في مدرسة جليب الشيوخ ثم انتقل إلى «نعيم بن مسعود».. وهناك، في الصف الثالث الابتدائي، قرأ في أوراق إدارة المدرسة في خانة الجنسية: (بادية الكويت) استغرب وسأل والده.. فعرف أن أزمة الورق بدأت، لكن حب الوطن ليس ورقا.
تخرج في مدرسة الواحة الثانوية بتفوق رغم الإحباط.. ذهب مع زملائه إلى الجامعة، بقوا هم ورجع هو إلى البيت.. بخذلان «حُنين»، وجلس!تخرجوا وتوظفوا وتزوجوا.. وهو في البيت.
حتى إن بعضهم- مراعاة لظروفه- لم يدعُه إلى زواجه.لكنه بعد «القعود» المؤلم الطويل، انتفض وملأ حياته عملا وتمردا واشتغالا.. وأصبح من الأسماء المعروفة، وعندما قرأ تفاصيل قضية البدون واقتراحات حلها عرف وأيقن أن «ما في الحمض أحد» وأن الحسد هو حبل المسد المربوط في جيد أناس يضعون الوطنية في جيوبهم.. وأنه ابن هذه الأرض «رغم أنف من أبى»، فالأرض التي ولدته لم تحمله سفاحا، بل إنه ابن شرعي لهذه الأرض، وإن من يقيمون على أرضه حد الزنا هم «أصحاب الإفك».
عرف أن الحل هو عدم الحل، فقرر أن يضع حدا لمشوار الإهانات الطويلة من مسؤولين ورجال شرطة ووزراء وحتى زملاء مهنة.
ذهب إلى مبنى «رسمي» يتبع الداخلية في الجابرية.. فأعطوه رقم شخص يصدر جوازات، هم يعرفون أنها مزورة، والطرفان قبلا بالتحايل، الحكومة تعرف أن العمل مزور لكنها مثلت أنها لا تعرف، والمزور يعرف أن الحكومة تعرف لكنه «طنش» وأصبح قادرا على التحليق فوق السحاب.
قابل كبار الأمراء والوزراء في المملكة العربية السعودية.. ولقي الحب والاحترام.. وفي القصر الملكي لقي الحفاوة كلها.
انفتحت بوابات الأوطان، ليس بتحايل ولا بفذلكة ولا بـ «تقلقس» بل بالحب والجدية. هو ابن الخليج وسيعطي بإخلاص، وهو ابن الإسلام وسيخدم الدين بنبض قلبه.
ذهب إلى البحرين فكان هناك له وطن، قابل أكبر المسؤولين، وأجلسه جلالة الملك على مائدة العشاء إلى يمينه.. وأعطاه هدية هي عبارة عن ساعة مختومةبعلم البحرين.قابل نائب رئيس دولة الإمارات، وولي عهد دبي، وولي عهد أبوظبي، والكثير الكثير من الوزراء والشيوخ وكبار المسؤولين ولقي الحفاوة والتقدير والكرم.
سافر إلى عمان بدعوة رسمية وتم استقباله في قاعة التشريفات، وعمل هناك عدة أعمال مميزة لقيت الشكر والتقدير.. والتكريم. وبدعوة من أعلى المستويات في قطر.. ذهب إلى هناك وتم تكريمه ومنحه الجنسية القطرية، ولقي تقديرا هائلا.. وتشرف بمقابلة أمير البلاد الشيخ حمد بن خليفة.وبقيت الكويت التي عاش فيها وتعلم وكبر.. يستكثر عليه بعض مسؤوليها أن يمنح شيئا من انتماء.. لا يريد منه أي مكتسب، فهو بفضل الله غني عن أي مكتسبات مادية.وإذا ما صار حديث حول الشأن.. سمعنا صوت «جعري» من بعيد: هو هو هو!