غُضّ بصرَك.. أيقِظ بصيرتك..

كان خط الدفاع الأول (بيني وبين بصيرتي).. هو بصري!

منه قررت أن أبدأ رحلة التغيير فيما أحس وأرى وأتعاطى وأتفكر وأتأمل.. 

ثم أحدد أولوياتي..

كنت أعمل في جهة إعلامية رسمية..

وذلك يعني أنني في كل صبح على موعد مع حفلة استعراض (أزياء وأجساد).. حيث مكان عمل يضع الموازين الحِسّية في أولوية اختياره للموظفات.. خاصة تلك التي تكون على مواجهة مع الجمهور.. إذ يجب أن تحمل وجها وجسدا (يغري الكاميرا) حسب تعبير المخرجين.. (وحبذا استبدال حرف الجيم بحرف الباء في الكلمة)

أترجل من سيارتي.. لأخوض حربا نفسية مع نساء يعِشنَ نزاعا شديدا مع ملابسهنّ!..

الثياب تضغط بشدة على اللحم، واللحم يوشك أن ينفجر بما فيه..

وكان أذى حقيقيا أن تسير في ممر يصادف أنه طويل مابين موقف السيارة وبوابة الدخول إلى مقر المكتب..

عندذاك.. بدأت  أسأل: أيهما أكثر متعة: أن أطلق النظر أم أحبسه..؟

فإطلاق النظر يحقق متعة حسية مؤقته تغمسك رويدا رويدا في وحل المادي الجسدي الشهواني، وأنت تتأمل غواية لاتملكها.. وليس لك حق النظر الحر إليها.. فما هي إلا اختلاسات خاطفة وفق وصف (خائنة الأعين وماتخفي الصدور)

أما "غض البصر".. فيولّد عذاب (الحرمان اللحظي) لكنه يؤدي بتدرّج عجيب إلى متعة روحية معنوية رائعة  تؤثر في النفس ثم تأخذها في رحلة العلو والتسامي.. والتخلص من نداءات اللحم.. إلى طهارة الروح الصافية الحرة غير المقيدة بأغلال الهوى!

أعجبني أن أخوض التحدي مع نفسي المترصدة المختبئة خلف بصري.. ومن عادتي أن أستعين عليها بالدعاء..

يلفحني عطر يهبّ، وأسمع فحيح أفعى.. فأسمّر نظري في الأرض: في الأرض يابصر، في التراب ياعين الغواية، عند مواطئ القدم ياشهوة..!!

وأناجي ربي: (احسبها لي يارب)..

 وأبتسم.. كأنني أسمع جواب من لايخيب به الرجاء..

أبتسم إذ أستعيد سؤال أحبابي لحبيبي: (هل هو بعيد فنناديه.. أم قريب فنناجيه)..؟!

لا والله قريب.. قريب..

اجتزت فترة التدريب بنجاح..

واليوم.. كم أشعر بالامتنان لمواقف (الإعلام) التي دخلت فيها دورة تدريبية عظيمة.. عرفت فيها سر الاقتران بين زكاة النفس وحفظ العرض.. وغض البصر.. فالعين مرآة شهوة.. والشهوة غياب عقل.. وتحكم واحتكام المادي من قلبك.. الذي سيجرك حتما إلى سرير الفشل والخيبة.. والخنا..!

تأمل قول الخبير: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم، ويحفظوا فروجهم، ذلك أزكى لهم)..

ماأعظم إحساسك بالانتماء لمنهج أخلاقي تربوي هو الدستور الوحيد في العالم الذي وضع قانون تنظيم البصر في الشوارع والطرقات بأمر نبوي يحدد حق الطريق بـ (غض البصر وكف الأذى) وهناك تتحقق نفسك الزكية.. وقد أفلح من زكاها..

أنصحك بدخول تلك الدورة التدريبية.. فهي بالمجان..

ستغير حياتك بلذة النجاح فيها..

وتذكّر أن انشغالك بفِتن نساء الآخرين.. يشغلك عن فِتن نسائك للآخرين!

...
تذكّر أن ربك العادل يغار.. وسيقتص منك في حالة!!
وسيكافئك في الحالة الأخرى..

ولهذه المعركة خطوات.. ونتائج أعرضها لاحقا بإذن الله